هوية الكتاب
عنوان أعقد قرانك في السًّماء
تأليف مهدي عباسي ولدي
ترجمة نور الموسوي
إخراج فنّي السيد رضا نوراني
طبعة الاولى
عدد الصفحات 158
قياس 12*14
تجليد غلاف
سنة النشر 2025
ISBN 9786145080152

أعقد قرانك في السًّماء

لا يكون الزواج بالرؤية والإعجاب فقط. بل إنّه كذلك، لكن الرؤية لا تكون بالعين فقط. بل هي كذلك، فالرؤية هي وظيفة العين فقط، لكن العين لا تنحصر بهذا الشيء الموجود تحت حاجبيك وعلى طرفي أنفك، فكم يبلغ بعد نظر هاتين العينين لتختصر رؤية شريك حياتك والإعجاب به فيهما؟

للعقل عينٌ أيضاً، إذا أجدت استعمالها يمكنها أن تعلّم الرؤية الصحيحة لعينك الأصلية.

لا تظنّ أنك إذا فتحت عين عقلك فإنها تدوس على قلبك، فالعقل بنفسه أستاذ صفوف العشق، افتح عينيه كي يعلِّم قلبك كيفية العشق السليم. عندما تغلق عيون العقل تفكر فقط بالعشق وكيف تصبح عاشقا، لكن عندما تفتح عيون العقل فإنها تريك كيف تكون عاشقا وكيف يدوم هذا العشق.

أنت لست عقلاً كاملاً وحتى لو تمكنت من فتح عيون عقلك بشكل كامل فلن تستطيع رؤية جميع ما حولك، لذا تذكر أن تستعمل العيون المفتوحة النقية، العيون التي رأت الحياة جيدا وبُعدُ نظَرها يتقدمك بخطوات، وهي نقية من الجشع والغيرة، ونظراتها ليست مغلولة بالأرض.

إذا لم تربط نفسك بالأرض وتشبّثت جيداً بالحبل الّذي أرسله الله الرحيم من السماء حتى لا نظلّ من أهل الأرض، عندها يمكن عقد قرانك في السماء، بل ويمكن كتابة رسائل دعوة إلى الملائكة أيضاً، وبل يمكن أن يكون مضيف حفلك هو الله نفسه، فليكن اختيارك سماوياً!

الأشخاص الذين هم على دراية بأوضاع العائلات في المجتمع، يعلمون بلا شك أنّ إحدى القضايا المزعجة، هي الزواج غير الناجح في حياة الشباب الّذين لم يمض وقت طويل عن بدء حياتهم المشتركة، وللأسف فإنّ هذه الخسائر في المجتمع آيلة نحو زيادة كبيرة في المجتمع.

الطلاق نوعان:

الاول: «الطلاق الرسمي»؛ ونعني به الطلاق الذي تصدره المحكمة.

والآخر: «الطلاق العاطفي»، لأسباب مختلفة، لا يختار الكثير من الأزواج الذهاب مباشرة إلى الطلاق الرسمي لكنهم يعيشون منفصلين عن بعضهم البعض في الحياة، وهذا الانفصال يكون إما على شكل معاداة أو مشاكل كبيرة. هذا أيضاً نوع من أنواع الطلاق، ويمكن القول بأنّ الآثار المدمرة للطلاق العاطفي ليست أقل من الطلاق الرسمي. إن الأطفال الذين ينشؤون بين هذه العائلات لا يتمتعون بالأمان العاطفي ويشعرون باستمرار بالقلق من تفكك وحدة الأسرة. هؤلاء الأطفال يعيشون دائماً في انتظار المعاداة والمشاكل وتزعجهم أجواء المنزل. هناك العديد من الأسباب وراء انحراف الشباب في مجتمعنا اليوم، لكن أحد الأسباب الرئيسية والجذرية مرتبط بالبيئة الأسرية. إنّ الطلاق سواء كان رسمياً أو عاطفياً يؤثر بشكل مباشر على تربية الأطفال. ويوجد في البيئة الخارجية آلاف الأجواء الجذابة وكل منها يجر الأبناء إلى أماكن لا يعلم نهايتها الا الله!

أحد السبل المطمئنة لمجابهة مثل هذه المشاكل جعل البيئة الأسرية جذابة، لدرجة أن تكون أكثر جاذبية من البيئة الخارجية، وإحدى أهم العوامل الأساسية لجعل البيئة الأسرية جذابة، التسامح والمداراة بين الوالدين والحميمية الحاكمة على علاقاتهم.

 إنّ الأسباب الّتي تقع وراء أعداد كبيرة من الطلاق سببها الاختيار الخاطئ لشريك الحياة، والعديد من الأزواج الذين لديهم مشاكل في حياتهم الزوجية كانوا في الواقع يعانون من مشاكل مع بعضهم البعض منذ بداية زواجهم ولم يصلحوها. والأمر ليس بنحو أن تولد هذه الخلافات بعد بداية الحياة المشتركة، بل كان دور الزواج هو إظهارها فقط وليس خلقها.

يختلف الكثير من الشباب مع الخيار المنشود (الشريك) قبل الزواج إلا أنهم يعتبرون أن «التفاهم الموجود بينهم قبل الزواج» هو دليل على «كفائتهم» وبالتالي يعتقدون أن هذا التفاهم سيستمر بعد بداية الحياة الزوجية غافلين عن أن الحياة المشتركة هي المحيط الذي يظهر الإختلافات الروحية والأخلاقية للطرفين.

كلما تعمقنا في الكلام مع الشباب المتزوجين أو المقبلين على الزواج نجد أن أكثر الخيارت (الزيجات) مبنية على قوائم عرجاء وليس مبنيّة على أسس مطمئنة.

يجب على الشباب قبل الزواج أن يتعرفوا على مهارات اختيار الشريك ليتمكنوا من التّعرف على أوجه الاختلاف والاشتراك الاعتقادية والأخلاقية مع الشريك المنظور.

تطبيق هذه المهارات يؤدّي إلى ظهور الخلافات قبل الزواج ومرحلة اتخاذ القرار بدلاً من ظهورها في الحياة الزوجية، وعندها يتم اتخاذ القرار على أساسها.

وظيفة هذا الكتاب الأساسية هي تعليم واتقان مهارات اختيار الشريك بشكلٍ عملي، وبنائنا في هذه المجموعة هو الكتابة بطريقةٍ تفتح نافذة في ذهن القارئ الشاب تسهل عليه التفكير في مسألة الزواج واتخاذ القرار الصائب.

بالطبع فإنّ تبيين أبعاد الزواج السهل وإزالة معوقاته هي من المسائل التي سنتطرّأ إليها أيضا في نهاية الكتاب.