طاهر خان طومان
كتاب "طاهر خان طومان" من مجموعة حكاية الصالحين رقم (8) يتحدث عن ذكريات "الشهید السيد رضا طاهر" المدافع عن حرم أهل البيت علیهم السلام.
مجموعة "حكاية الصالحين" تحكي قصة الشهداء الايرانيين اللذين إستشهدوا في سورية والعراق دفاعاً عن حرم أهل البيت علیهم السلام.
مقدمة:
(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) سورة الاحزاب، الآية 23
كان السيّد رضا طاهر مجاهداً لا يعرف التعب والملل، وكان طاهراً معطراً يشعّ نوره كالنجم بين مقاتلي فرقة 25 كربلاء.
كان نموذجَ المقاومة، وبطلَ ساحةِ الوغى. وكانت الشجاعة والثبات والمقاومة والصبر والأدب والأخلاق الحسنة من الصفات البارزة في هذا الشهيد العظيم الذي ضحّي في سبيل الله بكل شيء من أجل أهدافه السامية.
لقد شاهدنا مواجهته البطلة والفریدة مع الجلاوزة التكفيريين وعملاء أمريكا والكيان الصهيوني الغاصب، في فروردین واردیبهشت عام 1395 هـ . ش، التی بیّنت جوهره ومعدنه أمام إخوته المجاهدين. كما أظهرت مدى تفانيه في حبّه للسيدة زينب ـ سلام الله عليها ـ .
حارب وضحى وقاتل قتالاً منقطع النظير في منطقة البيت الأصفر في المحور الأيمن من منطقة خان طومان الواقعة في حلب حتى الشهادة.
كما أدىّ والده ووالدته وأسرته دورهم خلال حياة الشهيد وبعد استشهاده على أتمّ وجه بالصبر والثبات متأسّين بالإمام السجاد ـ عليه السلام ـ والسيّدة زينب ـ سلام الله عليها ـ.
وبقينا نحن ننتظر الالتحاق بأعزّتنا إن شاء الله أو نحظى بشفاعتهم بإذنه تعالى.
حمید رضا رستمیان
قائد فرقة 25 کربلاء
إشارة:
بعد أن شاهد الطبيب الأخصّائي نتائج التحاليل الطبيّة والناظور قال: "يا سيّد معصوميان! لا يمكنك الصيام. وتناوَلِ الأدويةَ التي سأكتبها لك بانتظام."
كان أولّ يوم من شهر رمضان المبارك. كنت أصوم الشهر بقدر ما يسمح لي القادة حتى عندما أكون في جبهات القتال. والآن هنا في المدينة، كيف أستطيع أن لا أصوم! قلت له: حسناً، وأخذتُ الوصفة وخرجتُ من العيادة.
وددتُ أن يتزامن أول يوم مقابلتي مع والدة الشهيد السيّد رضا مع أول يوم من شهر رمضان، فقد نظّمتُ الموعد معها منذ الليلة الماضية. أحببتُ أن يمتزج هذا العمل مع طهارة و روحانية هذا الشهر المبارك.
خرجتُ حسب الموعد في الساعة الخامسة عصراً نحو قرية (هريكنده) لكي ألتقي مع والدة الشهيد السيّد رضا. قبل كل شيء ذهبت إلى قبر السيّد رضا واستأذنته أولاً، ومن ثم ذهبت إلى بيت والده.
طرقتُ الباب كثيراً لكن لم يردّ عليّ أحد. شعرتُ بالقلق. كنتُ واثقاً بأنّ أحداً ما سيفتح الباب؛ فالسيّد رضا يعرف مدى حبّي له من خلال العلاقة التي كانت تحكمنا خلال الفترة التي كنا في منطقة خان طومان. تفاءلتُ بطول انتظاري خيراً فالوقوف والانتظار خلف باب الشهيد افتخار آخر لا يحظى به كل أحد.
شاهدتُ والد السيّد رضا من بعید. لا أحد يعرف القلق الذي كنت أعيشه قبل المقابلة، والشعور الذي كان ينتابني في تلك اللحظات! حاولتُ السيطرة على نفسي واستعنتُ باللهجة القروية. بعد التحية والسلام مع والد السيّد رضا قلتُ له: " أليست الحاجّة في البيت؟" قال: "بلى إنها في البيت!"
السَّكينةُ التي دخلتْ قلبي عند الرجوع من قبر السيّد رضا، جعلتني لا أطيق مواجهة أيّ باب مغلق أو مانع أمامي. فهذا الموقف جعلني أعاتب السيّد رضا وأقول له: لا أريد أن أواجه باباً مغلقا طوال الفترة التي أقوم بها بكتابة هذا الكتاب وحتى انتهاء المقابلات.
فقلت: "أيها الحاج! منذ خمس دقائق وأنا واقف هنا. لا أحد يفتح الباب. أين أنتم؟"
فتح والد السيّد رضا الباب. ما إن دخلنا ساحة البيت حتى شعرتُ بالراحة وشكرتُ الله. صاح والد السيّد رضا لعّدة مرات فلم يجبه أحد، فاطمئنّ أنه لا أحد في البيت. دعاني إلى الداخل. عندما دخلتُ الغرفة جلبتْ انتباهي صور السيّد رضا الصغيرة والكبيرة. بدأتُ اتحدث مع تلك الصور. بعد دقائق وإذا بوالدة السيّد رضا دخلت الغرفة وبعد السلام قلت لها بلهجتنا المحلية: " يا حاجّة أين كنتِ؟" قالت: "اعتذر عن التأخير. كنت مشغولة بقطف الخضار في البستان."
والدة السيّد رضا كانت صائمة أيضاً، ويبدو علیها بأنها متعبة قلیلاٌ. بإمکان المشاهد أن یری أثر الصیام والعطش في وجهها القروي المتعب؛ مع ذلك لم يبقَ إلى الإفطار سوى ساعتين فبدأتُ المقابلة معها. في اليوم الأول تحدثتُ مع والدة الشهيد حوالي ساعة ونصف. بعد انتهاء الجلسة الأولى من المقابلة، شكرتُها. فقالت لي بعد أن شاهدت الفرح والسرور في وجهي: "قلتُ يا إلهي! ليت معصوميان لا يأتي اليوم. لا أعرف ماذا أقول له. عندما سمعتُ بمجيئك، طلبتُ من السيّد رضا بأن يساعدني على الحديث معك."
خرجتُ من بيت والد السيّد رضا طاهر وكلّي سرور ورضى من تسجيل وكتابة ذكرياته. في طريق العودة، شعرت بضعف وألم في رأسي. بدأتُ أناجي الله وطلبت من السيّد رضا قائلا: "لا أريد أن أسجل ذكرياتك وأنا لست صائماً. هذا قراري الأول والأخير. أريدك أن تساعدني." بعد ذلك رزقني الله طاقة مضاعفة واستتبّ الأمر ولم أفكّر بهذا الموضوع أبداً.
جمعتُ أكثر الذكريات عن السيّد رضا طاهر في شهر رمضان عام 1396 وتمكنتُ من الصيام في ذلك الشهر حتى عيد الفطر بالرغم من تأكيد الطبيب المعالج على عدم الصيام. وكلّي ثقة إن لم تتزامن هذه المقابلات مع هذا الشهر المبارك لم يكن بمقدوري أن أسجّل هذه الذكريات عن السيّد رضا.
أعرفُ جيداً بأنّ أمثال السيّد رضا ليسوا بحاجة إلى ما أقوم به من عمل؛ ولكني أرى من واجبي أن أنقل أفكار هؤلاء الشهداء العظام إلى الأجيال القادمة.
هذا الکتاب لا یحتوی علی ذکریات زوجة الشهید والسبب أنّ ذکریات زوجته ستُطبع عمّا قریب في کتاب آخر إن شاء الله.
أتقدمُ بالشكر لكل الأعزّة الذين أعانوني في كتابة هذا الكتاب خاصة السيّد رستميان قائد فرقة 25 كربلاء والأخوة حسن شيردل وصادق كيان نجاد.
وأشكر الله بأني لا أرى وساطة في كتابة هذا الكتاب سوى روح الشهيد السيّد رضا طاهر المتعالية.
مصیّب معصومیان
تعليقات الزوار