المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي
سلسلة البحوث المهدوية (1)
امتازت مسألة المهدوية في الفكر الإسلامي بأصالتها الدينية، وعمق حقيقتها التاريخية، وثبات أساسها، ومتانة حجتها، وحركتها في وجدان الأمة؛ لما تختزنه من فلسفة قادرة على العمل المبدع الصالح، وتهذيب النفوس بالورع ومحاسن الأخلاق، وبناء المجتمع بناءً إسلامياً، والتخطيط لمستقبله بوعي وإدراك بما يناسب حجم اللقاء المرتقب مع الإمام المهدي عليه السلام في يومه الموعود.
ولكون العقيدة المهدوية واضحة مشخصة في عقل الأمة ووعيها صار انتظار المؤمنين لليوم الموعود لظهور مهدي الحق.. مهدي آل محمد صلى الله عليه وآله مواكباً لأنفاسهم؛ لأنهم ليسوا بانتظار حلم من أحلام اليقظة، بل بانتظار حقيقة من حقائق الإسلام الكبرى التي عرفتها الأديان السماوية كلها، وبشر بها نبي الرحمة صلى الله عليه وآله، وأكدها أهل بيته الأطهار عليهم السلام بكل قوة، مع التركيز المستمر على مصداقها الخارجي، وتفصيل هويته ببيان اسمه وكنيته ونسبه الشريف بمنتهى الدقة والتفصيل.
ومع كل هذا الوضوح في هوية الإمام المهدي عليه السلام، وتعاقب الأجيال على تلك العقيدة، وتراكم المؤلفات في بيان أدلتها تفصيلاً.. بقيت طوائف من الأمة تقول بمهدي مجهول يخلقه الله في آخر الزمان! وأنكر شذاذ -من هنا وهناك- المهدوية جملة وتفصيلاً، معللين ذلك باستلزامها الانهزام من الواقع، والانعزال عن الحياة، والانسحاب عن مشاكل الأمة!! هذا في الوقت الذي يرى فيه يقظة عقول المؤمنين بتلك العقيدة، وتحركهم الواعي المدروس، وانتظارهم المثمر للجهاد الأكبر من خلال الالتزام بعرى الإيمان الوثيقة، وإقامة شعائر الدين الحنيف، وتحمل المسؤولية الكاملة في تحقيق ما أراده الله ورسوله صلى الله عليه وآله في أن يكون بناء الإنسان والحياة بشكل أفضل.
تعليقات الزوار