شراء
هوية الكتاب
عنوان المعزّين في طريق الإنتظار
تأليف محمد شجاعي
ترجمة حسين صافي
إخراج فنّي السيد رضا نوراني
طبعة الأولى
عدد الصفحات 258
قياس 12*14
تجليد غلاف
سنة النشر 2025
ISBN 9786145080466

المعزّين في طريق الإنتظار

الأستاذ محمد شجاعي

وُلِدَ الأستاذ محمد شجاعي عام 1343 هـ. ش. (1964م) في مدينة الري، في كنفِ أسرةٍ متدينةٍ مُلتزمة، وأتمّ فيها مراحل دراسته الابتدائية والثانوية. وعقب إتمامه المرحلة الثانوية، وانطلاقًا من شغفهِ العميق بالعلوم الدينية، التحق بالحوزة العلمية، حيث نهلَ من معين علومها لسنواتٍ طوال على يدِ العالم البارز آية الله مجتهدي طهراني.

كما اغترفَ من فيضِ علومِ كبار العلماء الأعلام من أمثال: العلامة حسن زاده آملي، وآية الله جوادي آملي، وآية الله أنصاري شيرازي، وآية الله ممدوحي، والحاج السيد إمامي، والفقيد دولابي. وهو اليومَ حاصلٌ على درجة الاجتهاد في الفقه الإسلامي.

وبالتوازي مع تلمذِهِ على أيدي أساتذة المعارف الإلهية الكبار، عمل الأستاذ شجاعي على ترسيخ قواعده المعرفية الاستدلالية من خلال دراسته الأكاديمية، حيث نال درجة البكالوريوس في الفلسفة والماجستير في العلوم القرآنية، مُطوِّرًا بذلك تدريجيًا أسلوبَه البيانيَّ الفريد الذي يمتاز به.

مقدمة المؤلف

أهمّ موضوع يحتل موقعاً رفيعاً في خارطة الثقافة الإسلامية، وكذلك في الثقافات الأخرى، مسألة زيارة الأضرحة المطهرة والمقدسة للمعصومين علیهم السلام والأولياء وكذا التوسّل بهم، وإقامة مجالس العزاء في ذكرى استشهادهم ومهرجانات الفرح والسرور في مناسبات ولاداتهم، أو كل ما يتعلّق بنحوٍ أو بآخر بهذه الكواكب الطاهرة ولا سيّما الساحة المقدسة للإمام الحسين سيد الشهداء علیه السلام.

إنّ مراجعة سريعة لآيات القرآن والأحاديث والروايات ستبيّن لنا حقيقة ناصعة وهي، أنّه لم ولن يكن هناك مخلوق أحبّ إلى الله تبارك وتعالى من النبي محمد صلى الله عليه وعلي آله وسلم. فكلّهم يضيئون من سراج واحد وهم ليسوا سوى حقيقة واحدة.

مع ذلك فإنّ للإمام سيد الشهداء علیه السلام تجلياً خاصاً وتلألؤاً باهراً سنحته الظروف الزمانية والمكانية التي أحاطت به والمهمة الخاصة التي حمّله إيّاها ربّ العزّة سبحانه وتعالى، وهذا التجلّي والتلألؤ هما اللذان مكناه من التربّع على عرش قلوب جميع أفراد البشر، والمؤمنين منهم على وجه أخصّ.

ونظراً للمنزلة الاستثنائية والدور العظيم الذي يضطلع به الإمام الحسين علیه السلام ومجالس العزاء الحسينية في هداية البشرية إلى الطريق الإلهي المستقيم، فقد شاء الله تبارك وتعالى أن يظلّ اسم الحسين المقدس وملحمته البطولية خالدة على مدى التاريخ ، وأن تبقى شعلة التعزية الحسينية وهّاجة عند جميع الأمم والشعوب وفي مختلف بقاع العالم.

ولسنا بحاجة لأن نبذل جهداً كبيراً كيما نبرهن على هذه الحقيقة الساطعة وهي أنّ سيد الشهداء علیه السلام أحبّ شخصية إنسانية عند جميع شعوب الأرض بمختلف ألوانها وتعدّد أديانها، ومن أجل أن نتمثّل هذه الحقيقة بشكل أفضل يكفي أن نلقي نظرة في أيام محرم وصفر إلى ما يقام من حولنا من مجالس حسينية عظيمة في داخل البلاد وخارجها لنلفي العالم بأجمعه بكل أديانه ومذاهبه وطوائفه يشارك في إقامة مراسيم العزاء على سيد الشهداء وأبي الأحرار. فلم تعرف البشرية قط شخصية مثل الإمام الحسين علیه السلام تفانى أتباع جميع الأديان في تخليد ذكراها وإقامة مراسيم العزاء لإحياء نهجها.

أن تزخر الأحاديث القدسية وكذلك روايات المعصومين الأربعة عشر علیهم السلام بوصايا مؤكدة ومكرّرة على ضرورة إقامة مراسيم العزاء على سيد الشهداء فهذا يعكس الدور العظيم الذي تضطلع به التعزية الحسينية في إحياء الدين والإبقاء على جذوته متّقدة وساطعة.

فما من عمل يجاري تأثيرات إقامة العزاء على الإمام الحسين علیه السلام لصيانة الدين من الانحراف والمحافظة عليه من الهجمة الشرسة لأعداء الإسلام وسعيهم لمحو الدين، أضف إلى ذلك نشر الثقافة الدينية. بعبارة أوضح، يمكن اعتبار هذه المجالس أهم «وسيلة» لصيانة كيان الدين والمجتمع المسلم ونشر روح الدين والتديّن. وما أروع العبارة التالية لإحدى الشخصيات الإسلامية والتي تبيّن عظمة الإمام وموقعه الفذ في منظومة الإسلام:

«الإمام الحسين علیه السلام هو الذي أنقذ الإسلام، علينا أن نبكي كل يوم على من أنقذ الإسلام بتضحياته وشهادته، علينا أن نعتلي المنابر كل يوم من أجل صيانة هذا الدين. لقد أحيي الإسلام بفضل شهري محرم وصفر، إنّها تضحيات سيد الشهداء علیه السلام التي أبقت لنا الإسلام حيّاً خالداً» .

في كل عام ينفق ملايين البشر في جميع بلدان العالم – وحتى الأمم غير الإسلامية – مالاً كثيراً وجهداً عظيماً لإحياء هذا الأمر المقدس.

ولكن ممّا يؤسف له حقاً أنّه على الرغم من الأهمية والمكانة العظيمة التي تحتلها مجالس التعزية في الثقافة الإسلامية، بيد أنّها لم تسلم من الآفات والانحرافات والأخطار الكثيرة التي شابتها على مرّ الأزمان، والتي قلّلت، إلى حدّ ما، من عظمة الدور الذي تضطلع به هذه «الوسيلة» المهمة، فجعل مجالس التعزية، بل قل إن شئت، المراسيم الخاصة بالمعصومين عموماً، تفشل في التعبير عن إمكاناتها وقدراتها بشكل تام، أو بعبارة أخرى، فشل القائمون على هذه المجالس في تمثّل جميع الآثار المقدسة والمهمة التي عنيت بها الوصايا الإلهية والأقوال السديدة والحكيمة لأئمة الدين وتأكيداتهم على إقامة مثل هذه المجالس.

تستبطن التعزية الصحيحة المنسجمة مع الهدف الرئيسي لثورة سيد الشهداء علیه السلام دوراً بنّاءً وعظيماً وآثاراً إيجابية جمّة لدرجة أنّ المعزّين الحسينيين لو أحسنوا توظيف هذه «الوسيلة» وتمثّلوها بالشكل الأمثل والصحيح وحالوا دون أن تنسلّ إليها جميع هذه الآفات، لألفينا المجتمع المسلم والعالم الإسلامي في أوضاع مغايرة تماماً لما هما عليه في الوقت الحاضر.

لو كان الشيعة تفطّنوا لرسائل عاشوراء بصورة جادة واقتبسوا أمثولتها على النحو الأكمل، لكنّا شهدنا اليوم مجتمعاً إسلامياً أكثر تقدّماً على الصعيدين المادي والروحي، ولما عانى من كلّ هذه المشاكل والمعضلات التي تمسك بخناقه.

لو كنّا تلقّفنا رسالة عاشوراء بشكل جدّي ووجّهنا دفّة مجالس التعزية في المسار الذي حدّده لنا المعصومون علیهم السلام، لما كنّا شهدنا كل هذه المشاهد القبيحة والمؤسّفة لظواهر الفساد والفقر والتمييز والتخلّف في أقطارنا الإسلامية.

لو كانت دروس كربلاء وعِبَر واقعة الطف ماثلة في الأذهان، لما اضطرّت بلادنا إلى تخصيص كل هذه الأموال والإمكانات لمحاربة مختلف الانحرافات والانتهاكات والآثار الخطيرة التي تتركها على الأمد البعيد، ولما استطاع أعداء الإسلام أن يحقّقوا كل هذه الاختراقات العميقة جرّاء غزوهم الثقافي لشعوبنا.

ليس هناك من ديانة أو أمة في العالم تمتلك مثل هذه «الوسيلة» الناجعة والقوية تتيح لها بلوغ مراقي التقدّم والسعادة، ولكن، واحسرتاه على المجتمع المسلم الذي لم يقدّر هذه «الوسيلة» الأنجع حقّ قدرها ولم يولها الأهمية التي تستحق. واحسرتاه على المجتمع المسلم الذي لم يغرف من هذه الثروة العظيمة ومن الأهداف الأصلية للثورة الحسينية المعطاء إلاّ صبابة كأس.

بعبارة أخرى، إنّ جزءاً يسيراً جداً من هذه الأموال الطائلة والجهود العظيمة التي صُرفت ربّما ينسجم مع الهدف الأصلي للتعزية والمقاصد المهمة التي حثّ عليها أهل البيت علیهم السلام من وراء إقامة مجالس العزاء والمراثي.

لم يسبق أن احتاج المجتمع المسلم لتوظيف هذه الطاقة العظيمة والفريدة لمجالس العزاء والتعظيم للمعصومين علیهم السلام كما هو بحاجة لها اليوم، والتطبيق الدقيق والصحيح لدروس عاشوراء ورسائل الطف الخالد.

إنّ راقم السطور، ومنذ العام 1991م أي بداية إلقاء المحاضرات الخاصة بتبيين فلسفة التعزية الحسينية وشرح زيارة عاشوراء، وهو يعتصر ألماً وحسرة لكون المجتمع المسلم ما يزال عاجزاً عن الاستفادة المثلى من هذه «الوسيلة» العظيمة على طريق تحقيق الأهداف المقدسة للدين ومحاربة أعدائه الألداء.

لطالما خالجني شعور أنّه ربّما يكون من المفيد تأليف كتاب تفصيلي أشرح فيه أهمية ومكانة التعزية وآثارها المختلفة، خصوصاً، السياسية والاجتماعية، وبشكل أخصّ الآثار العرفانية والتوحيدية، ولكن منعني من تحقيق هذا الهدف زحمة الانشغالات التي عصفت بي، على الرغم من أنّني كنت أتطرّق إلى هذا الموضوع لماماً خلال سلسلة مباحث شرح زيارة عاشوراء. 

وقد دفعني ذلك إلى اتّخاذ قرار وهو، أنّه ما دمت قد حُرمت من توفيق تأليف مثل هذا الكتاب المفصّل، قد يكون من الأفضل أن أقوم بتأليف كتاب وجيز وأضعه في متناول عامة الناس ومحبّي بيت الوحي والرسالة، لا سيّما عشّاق سيد الشهداء الإمام الحسين علیه السلام، فما لا يُدرك كلّه لا يُترك كلّه، علّني أساهم ولو بجزء يسير في التوظيف الأمثل والأقصى لهذه المجالس النورانية والبنّاءة، لأكون بذلك قد عملت بمقولة الإمام أمير المؤمنين علیه السلام: «إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون» .

وكلّي أمل أن يسدّد الباري تعالى خطاي لأكمل ما بدأته.

في هذا الكتاب، أتناول المراحل الخمس لسير المعزّي وسلوكه إلى الله وارتقائه، وكيفية تواشجه مع «البكاء والتعزية» باعتبارهما «وسيلة»، كما أناقش بشكل موجز آفات التعزية والأخطار والانحرافات التي خلقها لنا عصرنا الحالي.

كما أبحث في أفضل طريقة لتمثّل فوائد وبركات مجالس التعزية الحسينية، بالإضافة إلى تقديم استعراض مفصّل عن أهم الأهداف التي تقف وراء إقامة مثل هذه المجالس.

مضافاً إلى ذلك، قمت بشرح أنواع المصائب التي جرت على أهل البيت علیهم السلام والمسؤوليات المناطة بنا تجاه كل تلك المصائب. أدعو من الله العلي القدير أن يتقبّل هذا العمل برحمته، وأن يكون مرضياً من قبل أهل بيت العصمة والطهارة علیهم السلام، وأخيراً أن يجد فيه القارئ الكريم فائدة.

في الختام، أجد لزاماً عليّ أن أوجّه الشكر الجزيل لزوجتي الوفية التي ساعدتني في تنقيح وتنظيم هذا الكتاب كما هو الحال مع بقية الكتب الأخرى، كما أتقدّم بالشكر والتقدير إلى الأخ العزيز السيد رضا قريبي والأخوات العزيزات: نجمة السادات مشهدي، زهراء براري، مريم جواديان اللواتي بذلن جهداً مشكوراً في إتمام هذا العمل.

والحمد للَّه ربّ ‏العالمين

قم المقدسة - محمد شجاعي

شتاء 2004م

 

تعليقات الزوار

سلة المشتريات