شراء
هوية الكتاب
عنوان الاربعون للسالكين (اربعون وصية اخلاقية عرفانية للفقهاء العارفين و العلماء الربانيين)
تأليف الشيخ عبد الرضا ايزدبناه
ترجمة الشيخ حبيب عبد الواحد الساعي
إخراج فنّي محمد صالح
طبعة الأولى
عدد الصفحات 396
قياس 21*14
تجليد غلاف
سنة النشر 2023
ISBN 978-9953-983-80-6
سعر 13$

الاربعون للسالكين (اربعون وصية اخلاقية عرفانية للفقهاء العارفين و العلماء الربانيين)

المعصومون الأربعة عشر الطاهرين عندهم آلاف الوصايا والإرشادات والكلمات والوصفات والطرق والبرامج التي صدرت منهم على شكل حديث أو دعاء أو زيارة او سيرة لطلاب الكمال والرضوان الإلهي. والعلماء هم مَن تربّوا على أيدي الأئمة المعصومين فهم ورثة علوم الرسالة، وهم العلماء الربانيون والفقهاء الإلهيون، قد ألّفوا لنا الكتب الأخلاقية التربوية والعرفانية، وقدّموا إلى السالكين في طريق النور إرشادات عمليّة لبناء النفس والقرب الإلهي. وفهذه الوصايا طريق الكمال ودليل الوصال، وهي توعية للإنسان تُزيح الموانع من طريق الجهاد في سبيل الله تعالى.

تمهيد:

ربَّنا أَدْخِلْنِا مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِا مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لَنا مِن لدُنكَ سُلْطَانًا نصِيرًا.

الحمد لله كما هو أهلُه وهو أرحم الراحمين والشكر لله الخالق المبدع الذي خلق الانسان مظهر الجمال وسيد الخلق، وأثنى على نفسه بقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[1]. فلما نفخ فيه من روحه جعله والهاً إليه، وعاشقاً له كي يستطيع العروج من عالم التراب إلى مراتب عالية.

والصلاة على أُسوة البشر وقدوة العالمين، جوهرة عالم الوجود، المحمود في الأرض و السماء، المجسد للقرآن الكريم شخصاً وعملاً، وروح العالم والنبي الخاتم، حبيب الله وأوصيائه من آله.

والسلام المتتابع على ثمرة عالم الوجود، المجسّد الكامل لدين الله تعالى والمحقّق لأهداف الأنبياء والأولياء، منتقم عاشوراء والمحقق للعدالة في العالم، الإمام صاحب العصر والزمان.

وبعد، فقد وفّقني الله تعالى لجمع أربعين وصية تربوية وأخلاقية للعلماء الربّانيين والعباد الصمدانيين، واُقدّمها لعشّاق تهذيب النفس وطلّاب الكمال والرقي باعتبارها إرشادات أخلاقية وعرفانية.

هذه الإرشادات والوصايا الأخلاقية والتربوية هي توصيات قيّمة صدرت من كبار علماء الأخلاق والعرفان الى تلامذتهم أو أحبّائهم أو أولادهم، وقد بيّنوا لهم فيها كيفية الجهاد الأكبر وطرق محاربة النفس وسوء النية وكيفية التعرف على آلاف حبائل الشيطان وأشكاله المختلفة، وبيّنوا كيفية إدارة النفس المضطربة. وقد أوضحوا في هذه الوصايا والإرشادات كيفية الاستفادة من جنود العلم وجنود الرحمان لمواجهة جيوش الجهل وجنود الشيطان، وعلّمونا طريقة بناء النفس وتربيتها وسلوك طريق الكمال، ومعرفة النفس حقيقة العالم وكنهه والوقوف على حقائق الاُمور. إنّ أصحاب هذه الإرشادات والوصيا أنفسهم طلّاب هائمون في سبيل العثور على الحقيقة والحق.

وأنا الفقير قد نوّرتُ قلبي بنور وعطر هذه الكلمات واستفدتُ منها وإن كنت حتى الآن في بداية الطريق، وألتمسُ منك أيها القارئ العزيز بكل تواضع أن تذكرني بالدعاء.

وأرى من الضروري التنبيه على عدّة اُمور:

1ـ إنّ وادي السير والسلوك المعنوي وميدان الجهاد الأكبر في الوقت الذي هو رائع وجميل و نماء روحي قيّم، فهو ايضاً صعب ومؤلم ومرهق. انّ الأمر المُفرح والباعث على السرور والنشاط هو التنوع في الأودية واختلاف المواقف والتطلّعات المتجددة.

هو السير التربوي والسلوك المعنوي للانسان، والعروج من أرض النفس حتى شروق رضوان الحق وبزوغه، وهذا يعني السياحة والتفرج على جميع صفحات الوجود ومجالاته. فإنّ الإنسان طالب الكمال وباحث عن الله وسالك وادي الرضوان الالهي، فيجب على الانسان أن يكون في مواجهة قطّاع الطريق والمصائد الثمانية وزخارف الدنيا الخادعة والجذابة التي على قارعة الطريق ـ كما قال الإمام الخميني ـ كالنملة التي تحمل بأناملها وفمها حبّة أكبر من حجمها وتصعد على الجدار الأملس، فتسقط وتقوم عدّة مرات وتفقد حبّتها وتقع بعيداً عن طريقها، ولكنها تعوّدت على هذا السقوط المتكرر ويزداد بذلك عزمها وإرادتها، وتتمكن بالتالي بكل اقتدار من الصعود الى القمة المنشودة: { يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[2] فإنّ السالك يحظى بلقاء المحبوب ووصال الحبيب بالتحمل والصمود أمام المصاعب وتحمل المتاعب.

2ـ إنّ مدرسة الوصاية والولاية ـ علاوة على وجود نعمة العقل والفطرة ـ جعلت لسلوك هذا الطريق والوصول الى رضوان الخالق الرحمان هداةً ومرشدين وطرقاً كثيرة للسلوك إلى الله تعالى، وهم المعصومون الأربعة عشر الطاهرين الذين يهدون الى طرق سماء الولاية والى اعتدال الإنسان، ويفتحون له الآفاق. وهم أعلم بطرق السماء من طرق الأرض، وعندهم آلاف الوصايا والإرشادات والكلمات والوصفات والطرق والبرامج التي صدرت منهم على شكل حديث أو دعاء أو زيارة او سيرة لطلاب الكمال والرضوان الإلهي. والعلماء هم مَن تربّوا على أيدي الأئمة المعصومين: فهم ورثة علوم الرسالة، وهم العلماء الربانيون والفقهاء الإلهيون ، قد ألّفوا لنا الكتب الأخلاقية التربوية والعرفانية، وقدّموا إلى السالكين في طريق النور إرشادات عمليّة لبناء النفس والقرب الإلهي. وهذه الوصايا والإرشادات العرفانية من جملة تلك الآثار التي تركوها، فهذه الوصايا طريق الكمال ودليل الوصال، وهي توعية للإنسان تُزيح الموانع من طريق الجهاد، ولكن بما أنّ هذه الإرشادات سلوكية فالسالك في طريق الله تعالى يواجه دائماً صعوبات وصراعاً وكفاحاً، والشيطان يعادي السالك دائماً ويقطع عليه طريقه. فعلى السالك أن يقف أمام الشيطان بالحذر ومراجعة النفس والصبر والاستمرار في السلوك ومحاسبة ورصد أعماله، ويذكر الله تعالى ويحذر من الغفلة ويستعين بأولياء الله والأئمة المعصومين: فإنهم وسيلة السالك. فعلى السالك أن يعرف بنظرته الثاقبة والدقيقة جميع مكامن الشيطان فإنّ الشيطان له أوجه مختلفة ويتشكل بأشكال مختلفة. وربما يخدع الانسان بغطاء العرفان والتقدس ومن باب الحرص ومساعدة الإنسان للوصول إلى الكمال، ويُوقعه في هذه الشباك كما صنع مع أبينا آدم حيث غرّه بالطمع وحبّ الخلود فأدّى إلى خروجه من الجنة ونزوله إلى الأرض المحفوفة بالمكاره. )فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ(.

3ـ إنّ هذه الوصايا والإرشادات والأذكار مأخوذة من القرآن الكريم وكلمات وسيرة الأئمة المعصومين:. والتعاليم العرفانية مأخوذة من الثقافة المحمدية والعلوية الخالصة، وهي منزّهة من خرافات الصوفية والأوراد والعرفان التي هي من صنع البشر والأنانية. إنّ العرفان الوارد في هذه الوصايا مستفاد من معراج محمد9 ومن العبادة والعشق والمعرفة العلوية، ففي هذا السير والسلوك يأخذ العشقُ والمعرفةُ العلويّة بيد السالك إلى عبودية الحق ولقاء الرضوان الإلهي، السلوك الذي يكون في واقع الحياة ويصعد به الإنسان بسُلّم الدعاء والمناجاة وليس بوادي الخلسة والخيال وليست هي وِرْداً ورَقْصاً وكَسَلاً فتلك حركة خارجة عن حدود التشيع تستهدف ـ باسم العرفان والمعنوية والنورانية ـ العرفانَ العلوي والمذهبَ الجعفري؛ وتحاول أن تفصل شيعة علي وفاطمة عن مدرسة عاشوراء بأيدٍ سحرية وتلاعبٍ بالألفاظ والألغاز الخادعة. وليس الهدف مجرد الشريعة فحسب، بل الأفكار الخالصة التي ترى ضرورة إخراج الدين من البيت والمسجد إلى الحياة وتبديل عرفان الألغار الى عرفان الميدان وتبديل ترنّم الصومعة إلى شعار (هيهات منا الذلة).

إنّ هذه الإرشادات في المنطق التربوي هي طريق الوصول إلى الرضوان الإلهي في حدود الشريعة والعبادة. وقد تمّ التأكيد مراراً في هذه الإرشادات على هذا الأمر المهم، حيث تقول هذه الإرشادات: " لا قرب إلّا بشرع شريف" فإنهم يرون أنّ العبادة والدعاء وطاعة الله والإتيان بالواجبات والابتعاد عن الحرام والمحرمات هي منزلة الدم الذي يسري في عروق العرفان الخالص وفي جسد السلوك الى الله، فإنّ السالك العارف مهما كان لديه من مقام إذا ترك العبادات والأحكام الشرعية فإنّه سيسقط في هاوية الجحيم.

4- إنّ الكتاب الذي بين أيدينا هو عبارة عن أربعين وصيّة أخلاقية وعرفانية كتبها مفاخر وكبار علماء الحوزات العلمية، وكلّ واحد منهم كان علَماً في عصره وكان كل واحد منهم قمة في المعرفة والكمال والعلم، وهو مصباح نيّر للناس في عصره، وهم الفقهاء العارفون والعلماء الربانيون كالمحقق الحلي: صاحب كتاب شرائع الإسلام، الكتاب الذي لمع حتى أصبح قرآن الفقاهة في الحوزات العلمية، والعالم الكبير نجم العلم والمعرفة والتقوى والأدب ،العلّامة الحلي المتضلع في العلوم المختلفة في زمانه، وله على المجتمع الشيعي فضل كبير، والشهيد الأول والشهيد الثاني شهيدَي سماء الفقاهة وحاملَي لواء التقوى والشجاعة مصنِّفَي اللمعة وشرحها. وقد أصبحت اللمعة وشرحها هي النص الدّراسي لطلاب الحوزة العلمية منذ قرون، ومثار اهتمام المحققين والعلماء، وغيرهم من العلماء العارفين كالملّا محسن الفيض الكاشاني، والملا حسين قلي الهمداني، والشيخ محمد بيد آبادي، والميزرا جواد آقا ملكي التبريزي، والسيد محمد باقر الخوانساري، وآية الله الشاه آبادي، والشيخ محمد تقي المجلسي، ومحيي الاسلام في عصرنا الإمام الخميني وغيرهم...

إنّ هذه الإرشادات تمّ جمعها بلطف الله بجهود مضنية منذ سنة 1362هـ.ش حتى سنة 1378 هـ.ش. وبعد أن تمّ تصحيح متونها نُشرت مع هوامش وترجمة العلماء في مجلة الحوزة، وقد لاقت ترحيباً ملحوظاً. وبالرغم من أنّ هذه الإرشادات لم تبلغ الأربعين في مجلة الحوزة، ولأنّ الأربعين في حدّ ذاتها لها مكانة خاصة في السير والسلوك والثقافة المعنوية فقد تمّمناها أربعين وصية وأسمينا الكتاب (الأربعون للسالكين).

وفي ذلك العصر الذي لم يكن من المتيسر البحث حول هذه الجواهر الخالصة إلّا أنّه وبلطف الله المنّان وعناية صاحب الزمان، وبمساعدة الفضلاء وعشّاق نشر هذه الوصايا والارشادات تمكنتُ من إتمام عملي، واُريد أن أخصّ بالذكر هنا العالم الفاضل المرحوم الشيخ محمد حسين مُعزِّي حيث  جعل بين يديّ عدة وصايا للمحروم الشيخ محمد بيد آبادي واستنسخ رسالته السلوكية واوصلها لي عن طريق الفاضل المحترم والسالك المتواضع الأخ بيدار فر. واُقدّم شكري إلى بيدار فر الذي أوصل لي ثلاثة رسائل أخلاقية وعرفانية للمفسر الكبير العلامة الطباطبائي.

إن زاد السالكين للمحروم الفيض الكاشاني قد أعدّه الصديق القديم المفكر صاحب القلم، المدقق السيد عباس الصالحي وقد نشره في عددين من المجلة. ونطلب الإذن من ذلك العزيز لأن اُضيفه إلى هذه المجموعة.

وأُقدّم خالص شكري إلى أعزائي وأصحابي، منهم: المصحح الصبور وصاحب النظر الثاقب والأديب اللامع السيد مجتبى أحمدي الذي له مساهمة كبيرة في تصحيح وإعداد هذا الكتاب.

وكذلك المحقق في علوم القرآن والمؤرخ المفكر المدقق محمد علي مهدوي وبقية الإخوة الفضلاء والباحثين: السيد محمد علي ايازي والاستاذ رضا مختاري، والشيخ محمد عبداللهيان الذين لم يحرموني من مساعدتهم وترغيبي لإنجاز هذا العمل.

كما لا أنسى أن اُقدّم شكري إلى زملائي في مؤسسة بوستان، الاستاذ اسماعيلي المدير السابق، والمدير الحالي الاستاذ انصاري، وكذلك الاستاذ أشرفي المدير المُجدّ في دار النشر والباحث المحقق الاستاذ طريقة دار والاستاذ مؤتمني الذي تحمّل عناء طباعة الكتاب وإعداده وإخراجه الفني، وجميع العاملين الذين وُفّقوا لنشر نتاجات ومؤلفات هذه المؤسسة.

وهذه المجموعة مشتملة على الجزء الأول وهو عبارة عن الإرشادات الأخلاقية والعرفانية، وأما الجزء الثاني فهو الآن قيد الإنجاز، عسى أن نقتبس ـ أنا المؤلف والقرّاء الكرام ـ من نور هذه الإرشادات التي تبني الإنسان ونسلك طريق المعرفة الإلهية وتكون عاقبتنا الحسنة هي رضا الحق ورضوانه.

(رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) والحمد لله رب العالمين.

مدينة قم

عبد الرضا ايزدبناه



[1].سورة المؤمنون، الآية 14.

[2]. سورة الانشقاق، الآية 6.

تعليقات الزوار

سلة المشتريات