أنت لست أخي
كتاب "أنت لست أخي" من مجموعة حكاية الصالحين رقم (9) يتحدث عن ذكريات "الشهید محمد تاج بخش" المدافع عن حرم أهل البيت علیهم السلام.
مجموعة "حكاية الصالحين" تحكي قصة الشهداء الايرانيين اللذين إستشهدوا في سورية والعراق دفاعاً عن حرم أهل البيت علیهم السلام.
المقدمة:
واحد، اثنان، ثلاثة، والآن أربعة. إنّه الشهيد الرابع من هذه العائلة، والشهادة في هذه العائلة ليست حدثًا جديدًا، وبين رجال هذه العشيرة، رجل عجوز كأنّ فنّ تربية الشهداء وحي السماء إلى أنامله. كنّا قد ذهبنا لنمرّ على ذكريات رابع شهيد لهذه العائلة، الشهيد المدافع عن الحرم، محمد تاج بخش، ولكنّ رؤية الجدّ والتأمّل في كلامه وسلوكه، وقبل الاستماع إلى الذكريات، جعلتنا كمن قرأ سيرة الشهيد من أوّلها إلى آخرها. ولا يمكن أن نسمّي هذا الرجل متخلّفًا عن قافلة الشهداء، إنّه مربي الشهداء، ومن ذا الذي يرى تربية الشهداء أقلّ من الشهادة؟!
وفي السنوات الثمانية للحرب المفروضة على إيران، قد طرق باب هذه العائلة خبر الشهادة لثلاث مرّات وخبر الإصابة بالجراح لمرّتين، فخالان وعمّ التحقوا بالشهداء، والأب والجدّ تقلدا وسام الجرحى.
انتهت السنوات الثمانية للحرب المفروضة وكادت الشهادة تتحوّل إلى ذكرى، ذكرى ينبغي البحث عنها في طيّات الكتب، وعلى الرغم من أنّ الهجوم العسكريّ قد انتهى، ولكنّ الغزو الثقافيّ اشتدّ من كلّ جانب، ومحمّد مجاهد عطوف في خندق المسجد وحامي حمى ثقافة الناس ودينهم.
كان محمّد في خندق المسجد مشغولاً بمواجهة أعداء الفكر حين انبعث في الآذان نفير حرب بعيدة شيئًا ما عن الحدود، وكان طمع العدوّ هذه المرّة بحريمٍ كان قلب محمّد يخفق بعشقه، كان الصوت قادمًا من دمشق، حريم سيّدة كان قد اتّصل بها وجود محمّد نسيجًا بنسيج.
هو شيعيّ ومن أهل خوزستان، والشيعة يعرفون بغيرتهم، ويجب أن تسمّى خوزستان مهد الغيرة. وكان اجتماع هاتين الغيرتين في وجود محمّد قد جعل منه رجلاً لا يطيق البقاء، كان يرى حرم الله في معرض النظرات المغرضة. كان عليه أن يرحل، وكان قلبه لا يهدأ سوى بالوقوف في وجه أعداء حرم الله، رحل محمّد بصمت، وعندما كان يشيّع بفخر فوق أكتاف الناس، فهم الكثيرون حينها أنّ ذلك المجاهد في خندق المسجد، هو الشهيد نفسه الذي يمضي نحو الجنان.
كان محمد عاشقًا للإمام الرضا عليه السلام، ومن يدري؟! ربّما كان قد أخذ ميثاق الشهادة في المرّة الأخيرة التي زار فيها جنة الله مشهد الإمام الرضا عليه السلام.
فهنيئًا له الشهادة! وليت اسمه وعقيدته يبقيان دائمًا مشعلاً يضيء لنا الطريق.
تعليقات الزوار