القناعة وبساطة الحياة
لقد طبعنا كتابين من سلسلة "دروس من فكر الإمام" وهذا الكتاب رقم (3) نقدم لكم بإسم " القناعة وبساطة الحياة " نتمنى أن ينال إعجابكم.
تعريف عن الكتاب:
السيّد الإمام (رحمه الله): إذا كنتم تريدون الوقوفَ بوجه الباطل دون أيّ خوفٍ وفزعٍ، وأن تُدافعوا عن الحقّ، وأن لا تدعوا رياح سلطتهم وأسلحتهم المتطوّرة والشياطين ومؤامراتها أن تُؤثّر على روحِكم، وأن لا تطردكم من الميدان، فعليكم أن تتعوّدوا على الحياة البسيطة، وأن تتجنّبوا تعلّق القلب بالمال والثروة والجاه والمقام، إنّ أكثر العظماء الذين قدّموا خدماتٍ عظيمةٍ لأُممهم كانت حياتهم بسيطةً، ولم يتعلّقوا بزخارف الدنيا، وأمّا أولئك الذين كانوا ولا يزالون أسرى للأهواء النفسانيّة والحيوانيّة الحقيرة والمُنحطّة، فهم الذين ينصاعون لكلّ ذلةٍ وعارٍ من أجل الوصول إلى ذلك، ويخضعون أمام تهديد القوى الشيطانيّة، ويضطّهدون الضعفاء ويبطشون بهم، أمّا الأتقياء فبخلافهم؛ لأنّه لا يُمكن حفظ القيم الإنسانيّة والإسلاميّة عبر انتهاج حياةٍ أرستقراطيّةٍ واستهلاكيّةٍ.
إنّ إحدى أبعاد شخصيّة الإمام الخميني (رحمه الله)، هي بساطة الحياة، فهو نفسه نتاج تربية مدرسة أهل البيت (عليهم السّلام)؛ وقد اختار بساطة الحياة كأسلوبٍ مُتحرّرٍ في الحياة مقتديًا في ذلك بالأئمّة المعصومين (عليهم السّلام) خصوصًا مولى المُتّقين الإمام «أمير المؤمنين» (عليه السّلام)، وذلك ليس فقط من أجل أن يخلّص من قيود الأهواء النفسانيّة وأغلالها ومن النَزَعات ومفاتن الحياة الماديّة، بل من أجل تحرير روحّه ونفسه من أن تكون متعلّقةً وأسيرةً لقوى الطغيان والاستبداد، فالسيّد الإمام (رحمه الله) كان يعيش ومنذ زمنٍ بعيدٍ حياةً بسيطةً ومقتصدةً، ولم تتغيّر حياته مع تسنّمه لمنصب المرجعيّة الدينيّة، وللقيادة السياسيّة للمسلمين، وقد أثبت من خلال هذا العمل بأنّ الأسلوب البسيط في الحياة وقناعته في حياته لم ينبعا من إجبار الظروف ومن مُقتضيات الزمان بل انبثقا عن اختيارٍ ملؤُه البصيرة، ومبنيّاً على اعتقاده الخالص بالإسلام المحمّدي الأصيل.
إنّ قناعته وحياته البسيطة مع وجود الإمكانات الكثيرة يُمثّلان من جهةٍ نموذجًا في استغلال النعم الإلهيّة بمقدارٍ صحيحٍ وبنحوٍ صحيحٍ، كما يُمثّلان من جهةٍ أخرى قدوةً خارجيّةً وعمليّةً للجميع وخصوصًا للمسؤولين في النظام المقدّس في «الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة».
انطلاقًا من بركات بساطة الحياة وتأثيرها على تحرّره، لم يقتصر استحسان سماحة الإمام الخميني (رحمه الله) لهذا الأسلوب بالنسبة إلى نفسه وحسب، بل اعتبر هذا النوع من أسلوب الحياة نقطةَ ارتكازٍ يُعتمد عليها في سبيل حريّة «إيران» واستقلالها عن سلطة الطغاة وسيطرة الجشعين في العالم، فأوصى الشعب الإيراني وخصوصًا مسؤولي نظام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، ونصح الشعب بأن يجعلوا المسؤولين الفارّين من الطبقة المتوسّطة والمائلين نحو روحيّة الشاهات جالسين في منازلهم.
يُمثّل هذا الكتاب مجموعةً من أوامر سماحة الإمام الراحل رضوان الله عليه، فيما يتعلّق ببساطة الحياة وأثارها وبركاتها، وخطر العدول عن هذا الطريق، وكذلك بعضُ ذكريات من حوله عن حياته البسيطة أيضًا.
وفي النهاية، نُقدّم كلّ الشكر والتقدير مؤسسة «تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (رحمه الله)» التي قد أخذت على عاتقها مراجعة هذا الأثر والعمل على إصدار التصريحات الخاصّة بطباعته ونشره.
ملاحظتان:
1- إنّ المسائل المنقولة عن صحيفة السيّد الإمام، باستثناء العناوين، هي بأكملها من أوامر سماحته أو مكتوباته.
2- تجدر الإشارة إلى أنّ نقل الذكريات المنقولة في هذا الكتاب عن أشخاصٍ مختلفين يؤدّي إلى حصول الاطمئنان فيما يتعلّق بسيرة سماحة الإمام الخميني (رحمه الله) في الموضوع المقصود من الكتاب، ولكن في نفس الوقت، تقع المسؤوليّة عن مقدار صحّة هذا المسائل المنقولة أو سقمها على عهدة رُواة هذه الذكريات.
رسول سعادتمَند
تعليقات الزوار